حينَ ترجعُ يا صديقي
خذْ جراحي في حقيبتكَ
خبأني بينَ طياتِ الثيابِ وريقةً من شعر
احفظْ ما تبقّى من ملامحِ ذلكَ الوجهِ
وقلْ للأصدقاء…
إنني جرحٌ بساقينِ
وصوتٍ
وفناء
حينَ ترجعُ يا صديقي
حينَ ترجعُ يا صديقي
احضنِ الشارعَ واملؤهُ نحيباً
تنفَّسْ قدرَ ما يملأ حنيني من هواء
انتحبْ عني
وقلْ للأرضِ..
هاكِ نحيبها
نهرينِ من غربة
وقاماتِ ابتلاء
حينَ ترجعُ يا صديقي
حينَ ترجعُ يا صديقي
قبلِ الجدرانَ
وقلْ للموتِ..
أوصتني بذلك
قبلِ النهرينِ والنخلَ
وقلْ للموتِ..
ارفعْ عن ترابي لعنتك
قبلْ جبينَ اللهِ في كلِّ المآذن
خذْ بأنفاسي
وقلْ للموتِ..
أوصتني بذلك
* *
للشمسِ فوقَ شفاهِ دجلةَ صورةٌ أخرى
* *
للشمسِ فوقَ شفاهِ دجلةَ صورةٌ أخرى
للعشقِ في وطني مذاقٌ آخر
للحلمِ في وطني مذاقٌ آخر
حتى الموتُ في وطني لهُ مذاقٌ آخر
لخبزِ تنورِ العراقيينَ في المنفى مذاقٌ آخر
لخبزِ تنورِ العراقيينَ في المنفى مذاقٌ آخر
للشعرِ في المنفى مذاقٌ آخر
وحتى اللحنُ في المنفى يعانقهُ نحيبٌ آخر
حينَ ترجعُ يا صديقي
زرْ بيتي
وابحثْ في زواياهُ عن صورةٍ
عن ضحكةٍ أو دمعةٍ
عنــَّا
وإنا مبعدون
زرْ بيتي
واغرفْ من ترابهِ ما يكونُ لغربتي زوادةً
عانقْ نخيلَ حديقتي عني
اسقِ الشتيلةَ..
جفَّ في أوصالها خوفٌ
أغلق ِالأبوابَ إذ لم يتسعْ وقتي
اغسلِ الأشلاءَ عن جدرانهِ
هدهدهُ واحنو
انتشلهُ من الدوي
اعتذرْ عني لبيتي
لم أخنكَ .. ولم أغادر
إنهم سلبوني منكَ
وفي صباحٍ عابسٍ مني سُلبتَ
أغمضوني
وأغمضوك
* *
يا أيها الأحياءُ والأمواتُ
* *
يا أيها الأحياءُ والأمواتُ
يا من تسكنونَ الحربَ بيتاً
الشعرُ يحملنا إليكم
ونحلمُ - ذاتَ فاجعةٍ- بأنـّا قد نعودُ
حينَ ترجعُ يا صديقي
حينَ تمرُّ في ساحةِ عنتر
قلْ لأوصالِ الحديقة..
إنها كانت هنا
حينَ تذرعُ خطوتاكَ رصيفَ أبي نواس
حينَ تذرعُ خطوتاكَ رصيفَ أبي نواس
اقطعِ الزمنَ القديم
وقلْ..
مشت الغريبةُ - ذاتَ ماضٍ - من هنا
حينَ تبكي إذ ترى جسراً تهدَّمَ
حينَ تبكي إذ ترى جسراً تهدَّمَ
قلْ..
يا صرافيةَ الخيرِ .. انتفضْ
خذْ من أديمي حفنةً
خذْ من أديمي حفنةً
وانثرهُ فوقَ الجسرِ
عمِّدني بهِ
عمِّدهُ بي
وأنا الترابُ
وكلُّ أرضي جنةٌ
حتى وإن وشمَ الغزاةُ جبينها
( لن تدخلوها آمنين )
* *
للروحِ أوجاعٌ
* *
للروحِ أوجاعٌ
على طولِ الهزائمُ تستجيرُ :
عـراقُ
يا عـراق
وإذ ضاقت منافي الروح
أُوجِعَت القصائدُ بالصراخ :
هيا ارجعوني للعراق
ارجعوني للعراق
رنا